تُعدّ الصحة النفسية جزءًا لا يتجزأ من الصحة العامة، حيث تؤثر بشكل مباشر على جودة حياة الأفراد وقدرتهم على التفاعل مع المجتمع. في تونس، يواجه المجتمع تحديات متزايدة في مجال الصحة النفسية، مما يجعل دور المؤسسات المتخصصة أكثر أهمية من أي وقت مضى. يُعتبر مستشفى الرازي للأمراض النفسية والعقلية بمنوبة من أبرز هذه المؤسسات، حيث يحتفل هذا العام بمرور مائة عام على تأسيسه، مؤكدًا دوره المحوري في تقديم الرعاية النفسية للمجتمع التونسي.
يُسهم الطب النفسي في تحسين جودة حياة الأفراد من خلال تقديم التشخيص والعلاج المناسبين للاضطرابات النفسية. في تونس، تشير الدراسات إلى أن نصف السكان يعانون من اضطرابات نفسية، بما في ذلك الاكتئاب والقلق، حيث يُعاني 518 ألف تونسي من الاكتئاب، مما يجعل تونس تحتل المرتبة الثالثة في أفريقيا من حيث انتشار هذا المرضكما يُعاني حوالي 20% من الأطفال والمراهقين من اضطراب القلق.
هذه الأرقام تسلط الضوء على الحاجة الملحة لتعزيز خدمات الصحة النفسية وتوفير الدعم اللازم للمصابين.
مستشفى الرازي: تاريخ من العطاء والتميز
تأسس مستشفى الرازي عام 1924 في منوبة، ومنذ ذلك الحين أصبح المرجع الوطني في علاج الأمراض النفسية والعقلية. يضم المستشفى أكثر من 600 سرير ويقدم خدمات متنوعة تشمل التشخيص والعلاج والتأهيل. كما يلعب دورًا محوريًا في تدريب الأطباء والباحثين في مجال الطب النفسي، مما يسهم في تطوير هذا المجال الحيوي في تونس
الاحتفال بمئوية مستشفى الرازي
في عام 2024، احتفل مستشفى الرازي بمرور مائة عام على تأسيسه، حيث تم تنظيم فعاليات متعددة لتسليط الضوء على إنجازاته ودوره المستمر في تقديم الرعاية النفسية. شملت الاحتفالات تدشين أقسام جديدة، مثل قسم طب الأسنان الذي تم تجهيزه بمعدات متطورة، مما يعكس التزام المستشفى بتقديم خدمات شاملة ومتقدمة للمرضى
التحديات والآفاق المستقبلية
على الرغم من الجهود المبذولة، لا تزال تونس تواجه تحديات كبيرة في مجال الصحة النفسية. تشير التقارير إلى أن 11 ولاية في البلاد تفتقر إلى أي سرير مخصص للرعاية النفسية، مما يبرز الحاجة إلى تعزيز البنية التحتية وتوزيع الخدمات بشكل أكثر توازنًا
كما أن الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالاضطرابات النفسية لا تزال تشكل عائقًا أمام طلب العلاج، مما يستدعي تكثيف حملات التوعية لتغيير هذه النظرة السلبية.
يُعدّ مستشفى الرازي رمزًا للتقدم والالتزام في مجال الصحة النفسية في تونس. مع احتفاله بمئويته، تتجدد الآمال في تعزيز خدمات الصحة النفسية وتوسيع نطاقها لتشمل جميع فئات المجتمع. الاستثمار في هذا المجال ليس فقط ضرورة صحية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر إشراقًا واستقرارًا للمجتمع التونسي ككل.
لمزيد من المعلومات حول الاحتفال بمئوية مستشفى الرازي، يمكن مشاهدة الفيديو التالي: