4 جانفي : بالرخيصة والورتاني ديما في البال

في تاريخ الرياضة التونسية، يبقى يوم 4 جانفي محفورًا في ذاكرة كل مشجع عاشق لكرة القدم. هذا اليوم الذي شهد رحيل اثنين من أبرز لاعبي كرة القدم في تونس: الهادي بالرخيصة ولسعد الورتاني. كان لكل منهما تأثيره الكبير على جماهير كرة القدم، وساهم كل منهما في كتابة صفحات مضيئة في تاريخ الرياضة الوطنية قبل أن تنطفئ شمعتاهما فجأة وفي ظروف مأساوية.

الهادي بالرخيصة: “بلها” الذي لا يُنسى

131929555_3764943983565044_8218408448792304816_n 4 جانفي : بالرخيصة والورتاني ديما في البال

وُلد الهادي بالرخيصة، الملقب بـ”بلها”، يوم 28 جوان 1972، وكان لاعبًا بارزًا في صفوف الترجي الرياضي التونسي، أحد أعرق أندية البلاد. تميز الهادي بالرخيصة بروحه القتالية العالية وحبه الكبير للكرة، مما جعله يكسب قلوب جماهير الترجي وجماهير المنتخب التونسي على حد سواء.

كان بالرخيصة يشغل مركز لاعب الوسط الدفاعي، وتميز بقوته البدنية وحسن قراءته للعب. حقق مع الترجي الرياضي التونسي العديد من الألقاب المحلية والقارية، أبرزها الفوز بالدوري التونسي والكأس، إضافة إلى مساهمته في التتويج بدوري أبطال إفريقيا. كما كان عنصرًا أساسيًا في المنتخب التونسي، وشارك في العديد من المباريات الدولية المهمة.

لكن في 4 جانفي 1997، وقع الحدث المأساوي الذي هز الشارع الرياضي التونسي. خلال مباراة ودية بين الترجي الرياضي ونادي ليون الفرنسي في ملعب المنزه، تعرض الهادي بالرخيصة لأزمة قلبية مفاجئة سقط على إثرها أرضًا. ورغم التدخلات الطبية السريعة، لفظ أنفاسه الأخيرة على أرض الملعب، عن عمر يناهز 24 عامًا.

شكلت وفاة الهادي بالرخيصة صدمة عميقة لعائلته وجماهير الكرة التونسية. وخلدت ذكراه بمبادرات عديدة، منها تسمية أماكن رياضية باسمه وإقامة مباريات ودية سنوية لإحياء ذكراه.

لسعد الورتاني: اللاعب الذي أحبته الملاعب

461991115_7077475012377260_30967861840046508_n 4 جانفي : بالرخيصة والورتاني ديما في البال


على الجانب الآخر، لسعد الورتاني، المولود في 27 ماي 1980، كان لاعبًا مميزًا عرف بأخلاقه العالية وأدائه الراقي. بدأ مسيرته مع الشبيبة القيروانية ، حيث أثبت جدارته سريعًا بفضل موهبته الفذة وقدرته على التحكم في نسق اللعب.

كان الورتاني لاعب وسط يتميز برؤية ثاقبة للملعب وقدرة على تنظيم اللعب، مما جعله يحظى باحترام جماهير الإفريقي والمدربين الذين أشرفوا عليه. كما ساهم في تحقيق العديد من الألقاب مع النادي الإفريقي، وشارك مع المنتخب التونسي في بعض المناسبات المهمة، مؤكدًا أنه لاعب من طراز رفيع.

في 4 جانفي 2013، صُدم الشارع الرياضي التونسي مرة أخرى بخبر مأساوي. تعرض لسعد الورتاني لحادث سير مروع في منطقة القيروان أثناء عودته من رحلة خاصة. لقي حتفه على الفور، عن عمر يناهز 33 عامًا، تاركًا وراءه ألمًا كبيرًا في قلوب محبيه وزملائه.

إرثهما في كرة القدم التونسية

رغم مرور السنوات، لم تُنسَ مساهمات كل من الهادي بالرخيصة ولسعد الورتاني. يُعتبر الاثنان رمزين للعطاء والشغف في كرة القدم التونسية، حيث شكّل رحيلهما درسًا قاسيًا ولكن مهمًا.

بعد وفاة الهادي بالرخيصة، أصبحت ذكراه تُخلَّد سنويًا عبر مباريات ودية وأنشطة تذكارية يقيمها الترجي الرياضي التونسي. كما تمت تسمية أحد ملاعب الأحياء باسمه، تكريمًا لما قدمه للرياضة التونسية.

أما لسعد الورتاني، فقد بقي اسمه حيًا في قلوب محبيه وزملائه. أُطلقت العديد من المبادرات الخيرية باسمه لدعم اللاعبين القدامى وعائلاتهم، خاصةً أولئك الذين يعانون من صعوبات مالية بعد اعتزالهم.

ليوم الأسود: دروس لا تُنسى

يوم 4 جانفي ليس فقط ذكرى حزينة لرحيل اثنين من نجوم كرة القدم التونسية، بل هو أيضًا دعوة للتأمل والاعتبار. فقد أكد هذا اليوم أهمية الاهتمام بصحة اللاعبين سواء داخل الملعب أو خارجه. كما يعكس الأثر العميق الذي يمكن أن يتركه لاعب كرة قدم في حياة الجماهير والمجتمع، حتى بعد رحيله.

يبقى الهادي بالرخيصة ولسعد الورتاني مثالين على الإصرار والتفاني في سبيل تحقيق النجاح. وبينما رحلا في أوج عطائهما، فإن إرثهما سيظل شاهدًا على تاريخهما الحافل. وستظل قلوب عشاق الرياضة التونسية تنبض باسميهما كلما مر يوم 4 جانفي، اليوم الذي كتب بدموع المحبة والفقدان في سجلات الرياضة الوطنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *